سياحة
طنجة.. نموذج للأمن السياحي في مواجهة الظواهر السلبيَّة بجرأة وفعالية
تُعدُّ مدينة طنجة واحدة من أهم الوجهات السياحيَّة في المغرب، وذلك بفضل موقعِها الاستراتيجيّ الَّذِي يربط بين أوروبّا وإفريقيا، إلى جانب غناها الثقافيّ والتاريخيّ. ولكن ما يميز طنجة عن غيرها من المدن المغربيَّة في السياق السياحي هو تميّزها في مجال الأمن السياحي، حيث أصبحت نموذجًا يُحتذى به في ضمان سلامة الزوار والسكان على حد سواء.
تمكنت المدينة من تحقيق تحسُّن ملحوظٍ في معدلات الأمان والتَّصدّي للظواهر السلبيَّة، وهو ما ساهم في تعزيز صورتها كوجهة آمنة وجذابة للسياح من مختلف أنحاء العالم.
تأتي مسألة الأمن على رأس أولويات أي مدينة تسعى إلى استقطاب السُّيّاح، وطنجة ليست استثناء. فقد شهدت المدينة في السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة لتحسين مستوى الأمن العام، ليس فقط في المناطق السياحيَّة الرئيسيَّة، بل أيضًا في الأحياء السكنيَّة والضواحي. هَذِهِ الجهود جاءت استجابة لتزايد الطلب على زيارة المدينة، خصوصًا مع النُّمو السياحي الَّذِي تعرفه طنجة بعد إنشاء ميناء طنجة المتوسّط وتطوير البنيَّة التحتيَّة السياحيَّة والفندقيَّة.
من بين العوامل الَّتِي أسهمت في تحسين الأمن السياحي بطنجة هو تعزيز الحضور الأمني المُكثّف في المناطق الحيويَّة مثل المدينة القديمة، كورنيش المدينة، والأسواق الشعبيَّة. وجود دوريات الشرطة المتجوّلة وأجهزة المراقبة بالفيديو ساعد بشكلٍ كبيرٍ في تقليص نسبة الجرائم البسيطة مثل النشل والسرقات، الَّتِي كانت تُؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على تجربة السياح. إضافة إلى ذلك، ساهمت السلطات المحلية في إطلاق مبادرات لتحسين التفاعل بين الأمن والسياح، حيث يتم تدريب العناصر الأمنيَّة على كيفيَّة التعامل مع الزوار باحترافيَّة واحترام، ما يخلق شعورًا بالاطمئنان لدى السياح ويُعزّز صورتهم الإيجابيَّة عن المدينة.
إلى جانب الإجراءات الأمنيَّة، عملت طنجة على مواجهة الظواهر السلبيَّة الَّتِي قد تُؤثّر في سمعتها كوجهة سياحيَّة. واحدة من هَذِهِ الظواهر كانت المضايقات الَّتِي يتعرَّض لها بعض السياح من قبل الباعة المتجولين أو «المرشدين غير الرسميين»، حيث كان ذلك يُشكّل عائقًا أمام التمتّع بالزيارة دون إزعاج. وللتصدّي لهَذِهِ المشكلة، نظَّمت السلطات بتنظيم عمل المرشدين السياحيين ومنحهم تراخيص رسميَّة، كما تمّ تنظيمُ حملات توعيَّة للباعة المتجولين وتحديد الأماكن المخصصة لهم، مما قلَّل بشكلٍ ملحوظٍ من هَذِهِ المضايقات الَّتِي كانت تُؤثّر سلبًا في تجربة الزوّار.
من ناحيَّة أخرى، عملت المدينة على تحسين البنيَّة التحتيَّة للمواصلات العامّة والخاصّة، ما ساعد في تسهيل حركة السياح داخل المدينة وخارجها، وتقليل الاعتماد على وسائل النقل العشوائيَّة الَّتِي كانت في السابق تُشكّل مصدرَ قلقٍ للزوّار. توفر وسائل النقل الرسميَّة، مثل الحافلات وسيارات الأجرة المنظمة، أصبح أكثر أمانًا وراحة، ما يُعزّز من تجربة السياحة بشكل عام.
تحسن الأمن السياحي بطنجة لا يمكن أن يُنظر إليه بمعزل عن جهود المدينة في الحفاظ على النظافة ومواجهة التلوث. إذ أصبحت الشوارع أكثر نظافة والنفايات تُجمع بانتظام، خصوصًا في المناطق السياحيَّة، ما يخلق بيئةً أكثر صحةً وجاذبيَّة للزوّار. كما تمُّ تفعيل قوانين صارمة تتعلق بالحفاظ على البيئة والمرافق العامة، ما يعكس الالتزام بتحسين جودة الحياة ليس فقط للسكان بل أيضًا للسيَّاح.
لكن على الرّغم من هَذِهِ الإنجازات، فإنَّ التحدّيات لا تزال قائمة. تبقى بعض المشكلات مثل تزايد حركة المرور في أوقات الذروة وارتفاع أسعار بعض الخِدْمات السياحيَّة عقبات يجب معالجتها لضمان استمرار تطور القطاع السياحي بشكل مستدام. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحفاظ على مستويات الأمان يتطلب تعاونًا مستمرًّا بين السلطات والمجتمع المدني لضمان استمراريَّة النجاح الَّذِي تحقّق حتّى الآن.
وفي المجمل، أصبحت طنجة مثالًا يُحتذى به في الأمن السياحيّ، حيث تمكَّنت من التصدّي للعديد من الظواهر السلبيَّة وتحسين بيئتها العامة لتصبح وجهةً سياحيَّةً آمنة ومريحة. هَذَا التحسُّن في مستوى الأمان لم يُعزّز فقط من تجربة السيّاح، بل ساهم أيضًا في تحسين حياة السكان المحليّين، ما يعكس رؤية متكاملة للتنميَّة المستدامة.