آخر الأخبار
طنجة ما بين البناء والتخريب… كيف تهدد سرقة التجهيزات العموميَّة مستقبل عاصمة البوغاز؟
تواجه مدينة طنجة في السنوات الأخيرة، تحديًا كبيرًا يتمثّل في تزايد ظاهرة تخريب الممتلكات العامة، إذ تكررت حوادث سرقة الأسلاك الكهربائية، أغطية البالوعات، الحواجز الحديديَّة، وحتى حاويات النفايات.
هَذِهِ الظاهرة لا تمثل فقط ضررًا ماديًا للبنيَّة التحتيَّة للمدينة، بل تعكس أيضًا مشكلة ثقافيَّة واجتماعيَّة تحتاج إلى معالجة جذريَّة وشاملة.
وتعد سرقة الأسلاك الكهربائية من أبرز التحديات الَّتِي تواجه طنجة، فقد أسفرت هَذِهِ السرقات في عدة مناسبات عن اضطراب في توزيع الكهرباء وانقطاعها عن بعض المناطق. هَذِهِ العمليات الَّتِي تستهدف النحاس المستخرج من الأسلاك، تتم غالبًا من قبل شبكات إجراميَّة تسعى للاستفادة من بيعه في السوق السوداء.
على سبيل المثال لا الحصر، تمكّنت السلطات في مناسبات عدّة من تفكيك عصابات متورّطة في سرقة مراكز تحويلية ومرافق عامة، وضبط معدات وأموال يشتبه في ارتباطها بهَذِهِ الجرائم. ورغم هَذِهِ التدخلات الأمنيَّة، فإن هذه الظاهرة ما زالت مستمرة، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى فاعلية وكفاية الجهود المبذولة.
أغطية البالوعات والحواجز الحديديَّة لم تسلم هي الأخرى من التخريب والنهب، إذ تعاني العديد من أحياء طنجة من غياب أغطية البالوعات، ما يُشكّل خطرًا على المارة، خاصّةً الأطفال وكبار السن. كما تُنهب الحواجز الحديديَّة الَّتِي تستخدم في المدارات والشوارع، مما يُفقد المدينة جماليتها ويُعرض حياة المواطنين للخطر.
هَذِهِ السرقات غالبا ما تُعزى إلى مجموعات تستغل نقص الحراسة ببعض الأحياء للعمل على تنفيذ أعمالها الإجراميَّة وبيع ما تحصله من قطع وأسلاك معدنيَّة.
حاويات النفايات الَّتِي تُمثّل جزءًا أساسيًّا من منظومة النظافة في المدينة، تعرَّضت أيضا للتخريب والسرقة، حتَّى باتت العديد من المناطق السكنيَّة تعاني نقصًا في هَذِهِ الحاويات بسبب الاستيلاء عليها أو تدميرها عمدًّا، مما ينعكس سلبًا على مستوى النظافة العامة ويزيد من تراكم النفايات في الشوارع.
ورغم الجهود الَّتِي تبذلها السلطات الأمنيَّة في طنجة -بما في ذلك توقيف العديد من المتورطين في هَذِهِ العمليات الإجراميَّة- فإن هَذِهِ الظاهرة تحتاج إلى مقاربة متعدّدة الأبعاد، إذ يلزم تعزيز الحراسة والمراقبة في الأماكن العامة، من خلال تركيب أنظمة كاميرات حديثة مع تكثيف الدوريات الأمنيَّة.
غير أن الحلّ لا يمكن أن يكون أمنيًّا فقط، إذ يجب أن ترفق هَذِهِ الجهود بحملة توعويَّة شاملة تستهدف مختلف شرائح المجتمع.
كما تلعب التوعيَّة المجتمعيَّة دورًا محوريًا في مواجهة هَذِهِ الظاهرة، إذ يجب أن يدرك المواطنون أنَّ الممتلكات العامة ليست مجرد أدواتٍ ومرافقَ، بل هي جزء من حقوقهم الأساسية، ومن واجبهم تجاه مدينتهم العمل على نشر ثقافة المواطنة واحترام الممتلكات العامة وذلك عبر مختلف الوسائط كالمدارس ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، إذ يتوقّع أن يسهم ذلك بشكل كبير في تقليص هَذِهِ الظاهرة.
كما أنَّ التشجيع على الإبلاغ عن هَذِهِ الجرائم يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتعاون المواطنين مع السلطات في مواجهة الظاهرة.
إنَّ مسألة تخريب الممتلكات العامة ليست مجرد حوادث جرميَّة، بل هي مشكلة تعكس نقصًا في الوعي الجماعي والتخطيط المحلي، فطنجة كمدينة تطمح إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحيَّة واستثماريَّة، تحتاج بشدة إلى معالجة هَذِهِ الظاهرة بشكل حاسم، لتضمن الحفاظ على رونقها وسلامة مرافقها، وتوفير بيئة آمنة ومستدامة لسكانها وزوارها.