تواصل معنا

مجتمع

سرقة الوكالات البنكية بطنجة ملف بات يكبر ويتضخم

لم تكن حادثة محاولة السطو على وكالة بنكية باستخدام مسدس مزيف، الَّتِي تمت الخميس 10 نوبر الجاري في منطقة القدس حي العوامة بطنجة الأول، سوى حلقة من ملف، بات يكبر ويتضخّم بعاصمة البوغاز، في الأونة الأخيرة، ما يجعل من الملف يتطلّبُ بعضَ الحلول الآنية والعاجلة، بعيدًا عن المقاربة الأمنيّة الَّتِي أبانت أنَّها وحدها لن تكون كفيلة لردع مَن يُحاولون سرقة البنوك على طريق أفلام الأكشن الأمريكيّة الشهيرة. وشهدتِ السنوات الأخيرة بمدينة طنجة أزيدَ من عشر محاولات جادّة لسرقة البنوك والوكالات البنكية، منهم مَن نجح في ذلك قبل أن يُقبض عليه، ومنهم من فشل فشلًا ذريعًا، غير أن أخطرها الحادثة الَّتِي وقعت الموسم الماضي، حينما تعرَّضت شاحنة لنقل الأموال بمنطقة رياض التطوان في مدينة طنجة، لعملية سطو من طرف جانحين، قبل أن يفرّوا من مكان الحادث بسيارة خفيفة حيث سرق اللصوص أكياس الأموال الَّتِي كان يحملها أشخاص مُكلّفون بنقل الأموال بين السيارة والبنك تجاوزت 160 مليون سنتيم، قبل أن يتمَّ تحديد هويتهم والقبض عليهم من طرف رجال الشرطة أيّام بعد ذلك، الحادث الآخر وقع قبل ثلاث سنوات، عندما تمّت سرقة مبلغ 32 مليون سنتيم من طرف شاب لم يتجاوز السن 23 بمدينة طنجة، الشاب الموقوف حينها عثَّر بحوزته على مجموعة من المفاتيح والمعدّات الحرفية الَّتِي يشتبه في استعمالها في كسر الأقفال واقتحام الوكالات المستهدفة بالسرقة، بل كان متخصّصًا في ذلك، وفي سنة 2018 توصلت الولاية الأمنية بطنجة، بإشعار حول تعرّض وكالة بنكية بوسط المدينة لعملية سطو، تمكن خلالها السارقان من الاستيلاء على مبلغ مالي قدره 70 ألف درهم، بعد تعريض مستخدمة بنفس الوكالة للتهديد باستعمال السلاح الأبيض، قبل أن يغادرا مسرح الجريمة على متن سيارة خفيفة، وبعد بحث طويل وتحقيقات تمكّنت الشرطة من تحديد هُوية المشتبه فيهما وتوقيفهما بمنطقة طنجة البالية، بينما أسفرت عمليات التفتيش المنجزة بمنزلهما حينها عن حجز مبلغ 57.800 درهم من متحصلات العملية الإجرامية، فضلًا عن حجز أسلحةٍ بيضاءَ وهواتف نقَّالة. 

ولعلَّ أشهر هَذِهِ العمليات الفيديو الشهير الملقب «بروبين هود» عندما اعتقلت الشرطة شابًا من داخل وكالة بنكية كان يحاول سرقتها لإجراء عملية لوالده المريض بالسرطان، الشاب الَّذِي لاقى حينها تعاطفًا كبيرًا، رغم أن سلوكه إجراميٌّ لكنّ عجزه عن توفير تكاليف عملية جراحية لوالده الفقير الَّذِي يعاني سرطان الأمعاء، دفع عددًا من نشطاء الفيسبوك إلى إطلاق حملة تضامن واسعة جدًا معه، معتبرينه ضحية ظروف اجتماعية صعبة، غير مسؤول عنها، حيث أكَّدوا حينها أنَّ من يستحق السجن هم أولئك الَّذِينَ نهبوا خيرات البلاد وسرقوا أموال الشعب بالباطل، وأنَّ المسؤول عن مغامرته بحياته هم الجهات المخول لها تدبير الحياة اليومية للمواطنين، وليس الشاب الَّذِي قرَّر حماية والده من الموت لغياب أموال العملية، وبين مَن يريد السرقة لعيش حياة الرفاهية ومَن يريد السرقة لشراء قطعة خبز فإنّ الظاهرة في تزايد، ومن بين أسبابها الفقر أوّلًا، تليها الرغبة في الاغتناء السريع، ثُمّ المخدرات والأقراص المهلوسة الَّتِي تدفع بالبعض في لحظة انتشاء للقيام بأمور يندمون عليها طوال حياتهم، أيضًا فإنَّ غياب التأطير والتكوين يجعل من الشباب يتأثر بالأفلام ويحاول تقليدها لهَذَا، فالظاهرة لن تتوقّف بإيقاف الأشخاص الَّذِينَ يعمدون إلى سرقة الوكالات البنكية، كأنَّها لن تتوقّف بتشديد الحراسة على أبواب البنوك، لكنَّها ستتوقف بدراسة للموضوع من كلّ جوانبه النفسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة وحتى الثقافيّة.

تابعنا على الفيسبوك