في الواجهة
رغم صراعات الأحزاب السياسية بطنجة.. الطاوس والعمراني صماما الأمان في الانتخابات 8 شتنبر

لكل فرس ناجح، فارس يعمل في صمتٍ كبيرٍ، حتّى يستطيع إبراز مؤهلات الفرس، ولأنّ لكلّ دولة رجالاتها، فإنَّنا نجد لكلّ مدينة رجالاتها يعمون ويكدون ويجتهدون في صمت مريب، يحاولون إتقان عملهم والإبداع فيه لإنجاح كلّ المحطات، الَّتِي تشهدها مدينتهم، سواء كانت ذات طابعٍ سياسيٍّ أو اقتصاديٍّ أو اجتماعيٍّ.
فمدينة طنجة -الَّتِي تحتفي بكلّ زوّارها وأبنائها ومحبّيها- كانت مع موعد انتخابي بامتياز، الموعد الَّذِي تزامن مع 8 شتنبر من الشهر الماضي، كباقي المدن المغربية الأخرى، الَّتِي احتضنت وعاشت هَذَا العرس النضالي، فالحديث عن هَذَا الحدث لا يتم إلا بذكر أشخاص عملوا في صمتٍ كبيرٍ، على إنجاح هَذَا العرس السياسيّ الكبير.
محمد الطاوس، اسمٌ على مُسمّى، فهو الرجل المتشبّع بصفات اسمه، الكبرياء والتواضع يجتمعان في رجل الدولة بامتياز، يحاول دائمًا أن يضعَ لنفسِه حدودَ التدخل الَّذِي يجب أن يكون تدخلًا فعّالًا، دون ضجيج ولا فرقعات إعلاميّة.
فالرجل يعتبر ابن البوغاز، رغم ولادته بميضار، حيث والده الراحل قضى سنوات طوال بالمدينة متعايشًا مع المدينة وساكنتها، فمحمد الطاوس لم يشعر -ولو للحظة معينة- أنّه غريب عن مدينة طنجة، بلّ ظلّ وفيًّا لها خدومًا، يحاول أن يسهر على كلّ التفاصيل الدقيقة لتنعم المدينة باستقرار تام، دون أن يسطع نجمه، لأنّه ليس من هواة النجومية.
بسلاسة كبيرة، استطاع الرجل أن يصبح رئيسًا لقسم الشؤون الداخلية بولاية طنجة، فهَذَا المنصب لم يأتِ منّةً ولم يأتِ صدقةً، أو هبةً من أحد، كيف والرجل راكم خبرةً كبيرةً، حيث تدرّج في سُلّم السلطة، عندما تدرّج بمدينة كرسيف بقيادة قروية، ثُمّ قائد الملحقة إدارية الثالثة بمدينة الحُسيمة.
الطاوس اليد اليمنى لوالي جهة طنجة تطوان الحسيمة، سبق أن كان مديرًا للحي الجامعي بوجدة، وعندما نتحدّث عن الحي الجامعي بوجدة، فإننا نتحدّث عن معقل النضال والصراع بين الإخوان والقاعديين، غير أنّه تمكّن من إدارة الحي بشكل مُتميّز ومنفرد.
وبرؤية متبصرة، تمكّن من النجاح في مهامّه كباشا بمدينة الرباط، حيث رافق الوالي امهيدية، آنذاك عندما كان واليًا هناك. مستغلًا تكوينه الأكاديمي العالي في مجال العلوم الاقتصادية، بالإضافة إلى التكوين القانونيّ والعسكريّ بالمعهد الملكي للإدارة الترابية.
إن الطاوس يتقن أكثر من أربع لغات، وكُلّف باستقبال الوفود الرسمية في عدد من المحافل، لاعبًا دورًا مهمًّا في الانتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة، حيث استطاع أن يظل محايدًا مع كل القوى السياسيّة بنفس المسافة، دون تحيّز لأي طرف، الأمر الَّذِي أقلق وأربك بعض السياسيّين.
ولأنَّ طنجة حُبلى بأبنائها ورجالاتها الغيورين على المدينة، فقد برز اسمٌ آخر، هو العمراني الَّذِي يشغل رئيس قسم الجماعات الترابية منذ سنة 2015، حيث يعمل بجهد جهيد لينجح في مهامّه، ويُوفّر كلّ الشروط الَّتِي تسمح بمرور الانتخابات في أجواء ديمقراطية نزيهة، تتوفر فيها شروط المساواة وعدم الانحياز لأيّ طرف على حساب طرف آخر.
العمراني لم يشغل نهائيًا المنصب، لأنّه يتوفر على واسطة أو عن طريق الحظ، بل لأنّه راكم تكوينًا أكاديميًا، فالرجل حصل على الدكتوراه في الاقتصاد سنة 2010، كما سبق أن عمل بالمفتشية العامة للإدارة الترابية، وبشركة التدبير المفوض للماء والكهرباء –أمانديس. العمراني يعتبر اليوم من رجالات الدولة، الَّتِي تعمل في صمت من أجل ضمان الاستقرار، وإنجاح المشاريع الَّتِي من شأنها تنمية المدينة.
