إقتصاد
رغم استفادتهما من عقد «دسم».. ميكومار وأرما تراقبان طنجة وهي تغرق في «الردمة»
دائما ما اعتبر تنامي أنشطة التخلُّص من مخلفات البناء سلوكًا لا حضاريًّا يسائل الفاعلين في القطاعات ذات الصلة، بل يُسائل المجتمع، خاصّةً أولئك الَّذِينَ يسيؤون إلى فضاءٍ حيويٍّ مثل الغابات، الَّتِي من المفروض أن تكون رئة للمدينة.
ولا يقتصر هذ السلوك الشائن على الغابات النائية، بل طال العديد من الغابات وإن كان يمسّ بشكل كبير تلك الواقعة في محيط الأحياء السكنيَّة، وهو تصرُّف سلبيّ بطبيعته، يناقض قيم المواطنة والحضاريَّة الراقيَّة والفاعلة، ويسير عكس الجهود المعتبرة المبذولة لحماية الغابات وتنميتها في سياق دولي موسوم بالتغيرات المناخيَّة.
إنَّ الإفراغَ العشوائيَّ للنفايات الصلبة، يُعدُّ من الممارسات الخطيرة، الَّتِي طالما نبهت إلى خطورتها فعاليات المجتمع المدني، خصوصًا المدافعين على البيئة، على اعتبار أنَّ ممتهني رمي الردمة ومخلفات البناء، لا يتورّعون في طمر الأوديَّة والشعب التضاريسيَّة سواء الغابات الحضريَّة، أو على الشواطئ، خاصّةً مخلفات البناء.
وغالبًا ما يستغل أصحاب التريبورتور انعدام المراقبة، ليلًا أو نهارًا، لنقل ورمي مخلفات البناء-مقابل 200 درهم عن كل شحنة- دون أي رادع أخلاقي أو تأنيب ضمير، وهو فعل يستنكره المجتمع وتجرمه القوانين، بل يؤدي على المدى البعيد إلى حرمان الأجيال الصاعدة من نعمة الاستمتاع بالغابات، بالنظر إلى دورها الحيوي في التوازن البيئيّ، فضلًا عن التأثيرات الخطيرة لعملية طمر الأوديَّة الَّتِي تؤدي إلى حرف مسار السيول في موسم المطر معرضًا حياة المواطنين ومقدراتهم للخطر.
لكن تحديد المسؤولية في ملف بهَذِهِ الدرجة من الأهميَّة والتأثير في المنظومة البيئية ومعها حياة المواطنات والمواطنين يقتضي التذكير بالمسؤولية المباشرة لشركتي التدبير المفوض لقطاع النظافة عن هَذَا الوضع الخطير. إذ إنَّ عقد التدبير المفوض الحالي لقطاع النظافة، المبرم مع الشركتين المفوض لهما بقيمة إجمالية بلغت 298 مليون درهم، (أي بزيادة 70% عن العقد السابق)، تنصُّ بنود دفتر تحملاته على تحمل الشركة أيضًا أعباءً نقل مخلفات البناء «الردمة»، وهو الأمر الَّذِي لا تسلط عليه الأضواء كلما أثير هَذَا الموضوع.
الجدير بالذكر، أنَّ المذكرة التقديميَّة لعقد التدبير المفوض الحالي، تشير إلى أنَّ العقد مع شركة ميكومار يبلغ عرضه المالي 135 مليونًا و900 ألف درهم، فيما بلغ العرض المالي لعقد شركة هوليدينغ أرما 161 مليونًا و948 ألف درهم؛ في حين برر المجلس الجماعي (السابق) حينها سبب الفارق الكبير في العرض المالي بين العقدين السابق والحالي، بالرفع من مستوى الخِدْمات والاستثمارات الَّتِي تضمّنها طلب العروض، الَّذِي راعى مستوى وخصوصيات منظومة النظافة بمدينة طنجة، المتميزة باحتضانها عددًا من الأنشطة الرسميَّة والتظاهرات الدوليَّة والوطنيَّة.