تواصل معنا

ثقافة

جامعة محمد الخامس.. منارة التعليم النيرة وإنجازات عالمية مميزة

التعليم في المغرب يُعد أحد الركائز الأساسية الَّتِي تعتمد عليها التنمية والتقدم في البلاد، حيث يجمع بين الإرث التاريخي العريق والتحديث المستمر. منذ قرون، كان المغرب مركزًا للعلم والمعرفة، واشتهرت مدنه بمؤسسات تعليمية بارزة، مثل جامعة القرويين بفاس، الَّتِي تُعد أقدم جامعة في العالم.

بعد الاستقلال عام 1956، بدأ المغرب في إعادة هيكلة نظامه التعليمي، لتوحيد التعليم التقليدي والعصري، وتوسيع نطاق التعليم ليشمل جميع فئات المجتمع. شهدت تلك المرحلة إنشاء العديد من المدارس والجامعات الحديثة، وكان تأسيس جامعة محمد الخامس عام 1957 في الرباط إحدى العلامات الفارقة.

قبل الاستقلال، انقسم التعليم إلى نظامين رئيسيين. الأول كان التعليم التقليدي المتمثل في المدارس الدينية العتيقة بمدن مثل فاس، مراكش، وتطوان، حيث ركّز على العلوم الشرعية واللغوية. أما النظام الثاني فكان التعليم العصري، الَّذِي أُقيم تحت إشراف فرنسي، واهتم بمجالات القانون، العلوم، والآداب من خلال المدارس والمعاهد العليا.

تأسيس جامعة محمد الخامس جاء ليجسد مرحلة جديدة من التعليم الجامعي بالمغرب. بدأت الجامعة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، الَّتِي حلّت محل معهد الدراسات العليا، وكانت تحتوي على أول مكتبة جامعية بالمغرب أُنشئت عام 1917. كما أُضيفت كلية العلوم عام 1959، لتحل محل مركز الدراسات العلمية العليا، ولعبت دورًا محوريًا في التعليم العالي، حيث كانت إحدى قاعاتها مقرًا مؤقتًا للبرلمان المغربي بين عامي 1963 و1964.

على صعيد القيادة الأكاديمية، اختار الملك محمد الخامس المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان كأول عميد لكلية الآداب، وكلفه بتأسيس اللبنات الأولى للجامعة، فيما عُيّن محمد الفاسي، وزير التعليم بعد الاستقلال، كأول رئيس لجامعة محمد الخامس، ليقود مسيرة الجامعة نحو التميز.

في ذكرى تأسيس الجامعة الَّذِي يوافق اليوم 21 دجنبر 1957، واصلت الجامعة تميزها، إذ احتلت المركز 129 عالميًا والأول وطنيًّا في تصنيف “Times Higher Education” لعام 2025. ويُعد هَذَا التصنيف إنجازًا بارزًا يُركّز على جودة البحث العلمي، عدد المنشورات، وتمويل الأبحاث. كما برزت جامعات مغربية أخرى مثل جامعة محمد السادس متعدّدة التخصصات التقنية وجامعة ابن طفيل ضمن التصنيفات الدولية، ما يعكس تقدم البحث العلمي والتعليم العالي في المغرب.

التعليم في المغرب اليوم يواجه تحدّيات كبيرة، مثل تحسين جودة التعليم وتوسيع فرصه في المناطق النائية، ولكنَّه يبقى أحد أعمدة التنمية المستدامة في البلاد، جامعًا بين الإرث التاريخي والطموح نحو المستقبل.

 

تابعنا على الفيسبوك