مجتمع
بعد المستشفى الجهوي محمد الخامس.. جحيم الانتظار يطال مرتادي العيادات والمؤسسات الصحية الخاصة
تجاوزت مشاهد طوابير المرضى أقسام وأجنحة مستعجلات المؤسسات الصحية العمومية بسبب الخصاص الكمي والنوعي على مستوى الموارد البشرية، حيث لاتتوفر على الأطر الطبية الكافية، وهو ما يسري على المداومة الَّتِي تتداول بين مجموعة من الأطباء الداخليين الَّذِينَ يتابعون دراستهم بكلية الطب وممرضين، مما جعل المنظومة الصحية العمومية بطنجة في مواجهة دائمة مع المرتفقين وذويهم.
فقد أصبحت المؤسّسات الصحية والعيادات الخاصة بدورها تعرف ظواهر مماثلة، وعلى عدة مستويات، إذ يتميز العمل الَّذِي تزاوله الأطقم الطبية والصحية بالضغط الشديد الَّذِي يتعرضون له ليلًا ونهارًا دون انقطاع، إذ يستقبلون أعدادًا قياسية من الحالات يوميا، موزعة بين الاستشارات الطبية وحالات الاستعجال، وهو الحال بالنسبة لعيادة طبيب متخصص توجد على أطراف منطقة شارع فاس في قلب مدينة طنجة، حيث يضطر المرضى وذووهم للحضور على الساعة الخامسة أو السادسة لتسجيل أسمائهم في لائحة الانتظار دون أن تكون لهم رفاهية تحديد موعد مسبق والحضور وفقه.
في حين بلغت مواعيد الكشف الطبي في كثير من العيادات التخصصية أمد زمنيا يفوق الشهر، الأمر الَّذِي يعقد سعي المرضى للحصول على الرعاية الطبية في الوقت المناسب.
كما يتسبب هَذَا الوضع في تداعيات على جودة الخِدْمات بفعل ضغط الوقت على الأطباء مقابل طوابير الانتظار، الَّتِي لا تنتهي، ما يطرح إشكالات قطاعية عويصة، خاصة ما يتعلق بمراقبة الجودة والمهنية في الخِدْمات الطبية والاستشفائية.
وقد بات مجمل المنظومة الصحية بالمغرب في خطر أمام الوضعية الراهنة لهجرة الأطباء والنقص الحاد في عددهم، هَذَا ما يجمع عليه المهنيون في القطاع والتقارير الرسمية وغير الرسمية، بحيث إنَّ عدد الأطباء الَّذِينَ هاجروا خارج المغرب يتراوح بين 10 آلاف إلى 14 ألف طبيبًا، وَفْقًا للمعطيات الَّتِي تضمنها تقرير صادر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ما يعني أنَّ طبيبًا واحدًا من كل ثلاثة أطباء يمارس خارج البلد.
وكان تقرير برلماني مغربي قد وصف الخصاص في عدد الأطر الطبية وشبه الطبية تعاني منه مستشفيات المملكة بـالحاد، في مقابل ارتفاع عدد الأطباء الَّذِينَ يختارون الهجرة نحو الخارج.
وخلص التقرير النهائي لـمجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمنظمة الصحية داخل البرلمان المغربي، إلى أن نحو 7000 طبيب اختاروا مغادرة البلاد لممارسة الطب في الخارج.
ولم يكن يتعدى عدد الأطباء الَّذِينَ غادروا المغرب سنة 2018، 603 أطباء، وهو العدد الَّذِي يشكل، 30 في المئة من عدد خريجي كليات الطب والصيدلة لتلك السنة، لافتًا إلى أنَّ البلاد تتوفر على 8442 طبيبًا في الطب العام و13932 في الطب الاختصاصي، في حين يحتاج المغرب إلى 32387 طبيبا و64774 ممرضًا وتقني صحة.
ولا تقتصر هجرة الأطباء المغاربة على الخارج، بل إن المئات منهم يرفضون الذهاب للعمل في عدد من جهات المملكة، خصوصًا منها البعيدة عن المركز الَّتِي تعرف تفاوتًا كبيرًا على مستوى البنيات التحتية والمرافق والشبكة الطرقية، مُقارنةً مع باقي الجهات.