آخر الأخبار
بدأت مع حلول سنة 2025 وتشمل قطاع النقل والنظافة والماء والكهرباء بمدينة البوغاز انطلاق “الإحلال والتجديد” في مجال التدبير المفوض.. وجماعة طنجة في صدارة المسؤولين عن العملية

بدأت سنة 2025 بدينامية جديدة في مدينة طنجة، المقبلة على احتضان عددٍ من الأحداث الكبرى، ابتداءً من هذا العام، أوّلها كأس أمم إفريقيا، التي ستنطلق بالمملكة، في دجنبر المقبل، التي ستكون أول تجربة للمغرب قبل احتضان كأس العالم 2030 في ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال، الأمر الذي تطلّب الالتفات إلى عددٍ من الأوراش الخدماتية، والوقوف على عقود التدبير المفوض لبعض القطاعات من طرف الجماعة.
وستكون مؤسَّسة الجماعة، باعتبارها الجهة التي توقع عقود التدبير المفوض، مُكلّفة خلال سنة 2025 بالإشراف على العديد من المشروعات، وعلى عمليات إحلال وتجديد واسعة، بدأ أثرها يتَّضح منذ شهر يناير الجاري، خصوصًا فيما يتعلق بإعادة ضبط خِدْمات النظافة العموميَّة، وتجديد أسطول النقل الحضري عبر الحافلات، بالإضافة إلى التغيير المنتظر في شركة تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، وهي دينامية احتاجات إلى توفير مبالغ ماليَّة مُهمّة، مع الصرامة في تحديد الآجال الخاصة بها.
- بداية التغيير في قطاع النقل
آخر المفاجآت التي تم الكشف عنها خلال بداية سنة 2025، تتعلّق بقطاع حيوي كان محط ملاحظات “مُحرجة” من طرف الاتِّحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، ويتعلّق الأمر بقطاع النقل، إذ أعلنت شركة التنمية المحلية “طنجة للنقل”، إطلاق طلب عروض لاقتناء 457 حافلة جديدة، وهو الورش الذي تمَّ تخصيص غلاف مالي له بقيمة مليار و124 مليون درهم، من أجل تحسين مستوى خِدْمات النقل الحضري عبر الحافلات بمدينة البوغاز، وفي سياق انتهاء عقد التدبير المُفوّض لشركة “ألزا” التي عمَّرت لمدة 10 سنوات.
ووَفْق ما جاء في طلب العروض الذي أعلنته شركة التنمية المحلية المعرفة باسم “طنجة موبيليتي”، فإنَّ الأمر يشمل حافلات للنقل الحضري وشبه الحضري بمدينة طنجة وضواحيها، أي أنَّ الأمر سيشمل، كما هو عليه الأمر حاليًا، جماعتي أصيلة واكزناية ذات الطابع الحضري أيضًا، والعديد من جماعات ذات الطابع القروي على مستوى عمالة طنجة –أصيلة وإقليم الفحص– أنجرة، مثل حجر النحل وبريش والقصر الصغير وغيرها.
الصفقة التي سيجري إبرامُها عبر مؤسَّسة التعاون بين الجماعات -البوغاز ومؤسسة التعاون بين الجماعات- الشمال الغربي، مُقسّمة على 5 حصص، وتهمُّ الحصّة الأولى 28 حافلة بطول 8 أمتار بمحرك “ديزل أورو 5” على الأقل، من نوع Low Floor، أمَّا الحصة الثانية فتهم اقتناء 51 حافلة بطول 10 أمتار بمحرك “ديزل أورو 5” على الأقل من نوع Low Floor.
وفي المرحلة الثالثة من الصفقة سيُجرى استقدام 120 حافلة بطول 12 مترًا بمحرك “ديزل أورو 5” على الأقل من نوع Low Entry، ثم في المرحلة الرابعة، وهي الأهم من حيث عدد الحافلات، فسيتمُّ جلب 247 حافلة بطول 12 مترًا بمحرك “ديزل أورو 5” على الأقل من نوع Low Floor، وفي آخر مرحلة سيُجرى اقتناء 30 حافلة بطول 18 مترًا بمحرك “ديزل أورو 5” على الأقل من نوع Low Floor، وجميع لحافلات يجب أن تكون مُجهّزة بأحدث التقنيات.
وما يثير الانتباه في شروط تقديم العروض، هو أنَّه حدَّد سلفًا آجال التسليم لكلّ الحافلات في موعد لا يتعدّى 12 شهرًا على أقصى تقدير، وهو ما يعني -بصورة ضمنيَّة- أنَّ مدينة طنجة ستشرع في تغيير أسطولها الحالي بحافلات جديدة تزامنًا مع احتضان كأس أمم إفريقيا 2025، التي ستُنظم، وَفْق الاتِّفاق القائم بين الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “الكاف” والجامعة الملكية المغربيَّة لكرة القدم، خلال الفترة ما بين دجنبر 2025 ويناير 2026.
وستكون جماعة طنجة هي الجهة الرئيسة المُشرفة على المرحلة الانتقاليَّة، التي سيعرفها قطاع النقل، وهي العملية التي تطلَّبت تمديد عقد شركة “ألزا” الإسبانية بشكل استثناء، خلال السنة الماضية، وَفْق توضيحات رئيس المجلس الجماعي منير ليموري، خلال ندوة صحفيَّة تم عقدها بمقر قصر البلدية إثر دورة فبراير 2024، بوصفه أيضًا يتولَّى رئاسة مجموعة التعاون بين الجماعات – البوغاز.
واعتبر عمدة طنجة أنَّ “الضرورة اقتضت تمديد عقد شركة “ألزا” لفترة إضافية من أجل تغطية المرحلة الانتقاليَّة، في أفق تجهيز الصفقة التي ستسفر عن اختيار فاعلٍ جديدٍ في المجال”، كما ربط إمكانية استمرار الشركة الحاليَّة وقدرتها على المنافسة على عقدٍ جديدٍ مدى استجابتها للمعايير الجديدة التي سيُحددها دفتر التحملات، مُشدّدًا على أن مرفق السير والجولان مرتبطٌ بالعديد من المشروعات التي يتمُّ التخطيطُ لها بهدف تحسين نجاعته.
وكان والي جهة طنجة – تطوان -الحسيمة، قد اعتبر أنَّ الاتِّفاقية الجديدة بخصوص لحافلات تدخل في إطار تنزيل العقود الجديدة للتدبير المفوض، مبرزًا أنَّ الدولة ماضية في خيار استراتيجي جديد بخصوص اقتناء الحافلات، إذ سيتمُّ تفعيل شركة “طنجة موبيليتي” التي أطلقت طلب عروض من أجل اقتناء “أسطول هام جدًا من الحافلات سواء لمدية طنجة أو تطوان”، مشيرًا إلى أنَّ 6 مدن ستكون معنية بهذه العمل على مستوى الجهة.
وأبرز الوالي التازي، الذي حضر دورة مجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، أنَّ الأمر يتعلق بشركة للتنمية الجهويَّة متخصّصة في قطاع النقل، إذ سيكون تفعيلها بمنزلة إعطاء دفعة جديدة لهذا المجال الذي يعاني تحدّيات كبيرة على مستوى مختلف مناطق الجهة، وطنجة على رأسها، واعدًا بإطلاق مشروعات كبرى خلال “الأيام الأسابيع المقبلة” لمواصلة الجهود التي تمّ بذلُها في هذا المجال، رابطًا الأمر الزخم الذي عاشته مدينة البوغاز في إطار الرؤية الملكية والاهتمام المتزايد بها، الذي أدَّى لمضاعفة تعدادها السكاني مُقارنةً بما كان عليه الحال قبل 20 سنة.
ومن المرجح، أن يكون كلام الوالي التازي مؤشرًا على مشروعات أخرى أكبر في قطاع النقل العمومي الحضري دال مدينة طنجة، خصوصًا ما يتعلق بإطلاق مشروع “الباصواي” المنتظر من طرف الساكنة المحلّيَّة لتقليل الاختناق المروري، خصوصًا في فصل الصيف وأوقات العطل، وهو المشروع الذي تمَّ تضمينُه -بصورة رسميَّة- في ملف ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 2030، الذي بناء عليه أعطت “الفيفا” ملاحظاتها التي اعتبرت أن خطأ واحدًا من هذه النوعية لن يكون كافيًّا.
ملاحظات الفيفا أوجبت على الحكومة والسلطات المحلّيَّة لطنجة التفكير في خطوط أخرى سواء للباصواي أو الترامواي قبل موعد المونديال، إذ أوضح التقرير أن ما هو مخطط له سيكون مناسبًا للاستجابة للحاجيات اليومية للسكان، لكنه سيكون غير كافٍ لاستقبال الأعداد الكبيرة للجماهير التي يُنتظر توافدها على المدينة خلال الحدث الكروي الأكبر على الإطلاق، خصوصًا أنَّ ملعب طنجة الكبير سيتوفر على معايير تخوّله استقبال المباريات إلى غاية دور نصف النهائي.
- تجويد خدمات النظافة
ومن المجالات التي وضعتها الجماعة ضمن أولوياتها لسنة 2025، تدبير قطاع النظافة الذي تشرف عليه شركتا “ميكومار” و”أرما”، عبر عقد تدبير مُفوّض الذي دخل حيّز التنفيذ سنة 2021، إذ اختار المجلس، عبر نهج تشاركي، تدارس المرحلة المقبلة بما يتماشى وحاجيات المدينة المستقبلية، وذلك عبر عقد لقاء دراسي يوم الخميس 16 يناير الجاري، خُصّص لتدارس واقع تدبير مرفق النظافة بتراب الجماعة، وسبل تحسين جودة الخِدْمات المُقدّمة في هذا القطاع الحيوي.
ووَفْق ما أعلنته الجماعة، فإنَّ اللقاء الذي افتتحه عمدة المدينة منير ليموري، سعى إلى تعزيز جودة خِدْمات النظافة بالمدينة، بما يواكب طموحاتها كوجهةٍ سياحيَّةٍ واستثماريَّةٍ ومكانتها كإحدى المدن المرشحة لاحتضان التظاهرات الكبرى، كما كان يهدف إلى تسليط الضوء على الإشكاليات المرتبطة بتدبير القطاع، مثل التزايد المستمرّ للنفايات وارتفاع الكثافة السكانيَّة، بالإضافة إلى تقديم حلولٍ مُبتكرةٍ تعتمد على التكنولوجيا والتوعية المجتمعيَّة.
وحسب ما جاء على لسان نائب رئيس الجماعة المكلف بالتدبير المفوض، محمد غيلان الغزواني، فإن النظافة تُمثّل أحد الركائز الأساسية لتحسين جودة الحياة مدينة طنجة، التي ستحتضن كأس العالم وقبله كأس إفريقيا، مُؤكّدًا أنَّ النظافة مسؤولية جماعية تتطلَّب تضافر جهود الجماعة والشركات المُفوّض لها والمواطنين.
وشهد اللقاء تقديم عروضٍ مُفصّلة من طرف الشركتين المفوض لهما، “أرما” و “ميكومار”، إذ قدّم ممثلو الشركتين مؤشرات الأداء الحاليَّة، وأبرز الإنجازات التي حُقّقت خلال الفترة الماضية، كما تم تسليط الضوء على خطط العمل المستقبليَّة، التي تُركّز على توسيع نطاق التدخلات، تحسين المعدات والبنية التحتيَّة، وتعزيز استخدام التكنولوجيا في مراقبة الخِدْمات وضمان استمراريتها.
وأعلنت الجماعة إطلاق تطبيق تفاعلي جديد يُمكّن المواطنين من الإبلاغ الفوري عن المشكلات المتعلّقة بالنظافة، مثل تراكم النفايات أو أعطاب الحاويات، الأمر الذي وصفه بلاغ صادر عنها بأنه يُمثّل “خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز الشفافية ورفع مستوى التواصل مع المواطنين”، ويُوفّر التطبيق أيضًا خاصية تتبّع الشكايات والتدخلات الميدانية، ما يسهم في تحسين العلاقة بين الساكنة والجهات المسؤولة عن تدبير القطاع.
لكن الأهم من ذلك، هو أنَّ هذا اللقاء انتهى إلى تقديم مجموعة من التوصيات التي دعت إلى ضرورة تعزيز برامج التوعية والتحسيس بأهمية النظافة، وتكثيف المراقبة الميدانية لضمان جودة الخدمات، إضافة إلى توسيع الشراكات مع مختلف الفاعلين، سواء على المستوى المحلي أو الوطني، لتحقيق أهدافٍ مدينة طنجة كمدينة نظيفةٍ ومستدامة.
ويتعلق الأمر بـ5 توصيات أساسية أعلنتها الجماعة، وهي الحرص على حثّ الأطراف المتعاقدة في إطار التدبير المفوض على احترام دفاتر التحمّلات ومقتضيات بنود الاتِّفاقية، وتوفير الأراضي لبناء مستودعات الوسيط بالإضافة إلى فرض تخصيص أماكن خاصة بحاويات النفايات المنزلية في الوحدات التجارية للمقاولات والمقاهي والفنادق، والأخذ في الاعتبار مشكل الأماكن المخصصة للحاويات بجميع أنواعها في الترخيص للتجزئات، وكذلك اتخاذ إجراءات الزجر وتفعيل الشرطة البيئية، ثم معالجة مشكل مخلفات البناء “الردمة”، وتشجيع المواطنين على وضعها في المساحات المخصصة لها.
- نظام جديد لتوزيع الماء والكهرباء
الورش الأبرز من بين جميع القطاعات الخاضعة للتدبير المفوض، هو المتعلق بالماء والكهرباء والتطهير السائل، الذي كانت تتوّلاه شركة “أمانديس” التابعة للمجموعة الفرنسية “فيوليا” منذ سنة 2002، عندما تولّت مهام الوكالة المستقلة لتوزيع المياه والكهرباء المعروفة بـ”لاريد”، وهو الأمر الذي كشفت عنه مراسلة لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قبل أن يُؤكّده مؤخرًا والي جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، يونس التازي.
وستعرف المملكة انسحابًا متتاليًا لشركات الماء والكهرباء والتطهير السائل، التي تقوم تدبير هذا القطاع عبر عقود التدبير المُفوّض التي ستنتهي عقوده تدريجيًّا، وَفْق ما جاء في مراسلة وزير الداخلية للمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، طارق حمان، خلال الأيام لماضية، إذ ستكون البداية في فاتح أبريل 2025 مع شقيقة “أمانديس” شركة “ريضال” التابعة بدورها لمجموعة “فيوليا”، التي ستغادر مدن جهة الرباط – سلا القنيطرة”، وفي فاتح ماي 2025 ستعرف جهات الصحراء، وهي كلميم – واد نون، والعيون – الساقية الحمراء، والداخلة – وادي الذهب، نفس الإجراء.
وسيأتي الدور على جهة الشمال في فاتح يونيو 2025، حيث سينتهي عقد “أمانديس” ليتمَّ تعويضُها بِنمطٍ جديدٍ من التدبير من خلال مجموعة الجماعات الترابية لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة للتوزيع التي يترأسها عمدة طنجة منير ليموري، وتضمُّ في عضويتها مستشارين آخرين من المجلس الجماعي لطنجة، وهما حسن بلخيضر وحميد بليطو.
وكان مجلس المجموعة قد عقد اجتماعًا استثنائيًّا بتاريخ 26 دجنبر 2024، بمقر عمالة الفحص- أنجرة، الذي خُصص للدراسة والمصادقة على النظام الداخلي لمجلس المجموعة، والنظام الأساسي للشركة الجهوية متعددة الخدمات “طنجة – تطوان – الحسيمة ش. م، بالإضافة إلى المصادقة على ميثاق المساهمين في الشركة الجهوية وعلى الإسهام في رأسمال شركة التنمية المحلية المُسمّاة “شركة تنمية المرافق العمومية للتوزيع ش. م.” بالإضافة إلى اعتماد نظامها الأساسي المحين، وكل ذلك في سياق استباق الخروج المنتظر لشركة “أمانديس” بحلول منتصف السنة الجارية.
وحسب ما أعلنته جماعة طنجة حينها، فإنَّه في سياق تعزيز الشراكات المؤسَّساتية، أقر مجلس مجموعة الجماعات الترابية لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة للتوزيع، تحمّل الدولة، من خلال وزارة الداخلية، مساهمة المجموعة في رأسمال كل من الشركة الجهوية متعدّدة الخِدْمات و”شركة تنمية المرافق العمومية للتوزيع”.
كما تمَّ، وفق بلاغ جماعة طنجة، التصديق على وثيقة الانضمام إلى الاتِّفاقية الإطار لتنزيل خطة نقل ديون المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى أصحاب المرفق، مبرزًا أنَّ هذه القرارات تهدف إلى تحسين تدبير المرافق العمومية، وتطوير جودة الخِدْمات المُقدّمة، وتعزيز الشراكات بين الجماعات الترابية والدولة لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
ومن شأن دخول الشركة الجديدة إلى العمل ابتداءً من يونيو المقبل، أن يُعيد القطاع العام تدبير مجال توزيع الماء والكهرباء بطنجة ومختلف مدن الجهة، بعدما يناهز 23 عامًا من خوصصته عبر عقد التدبير المفوض، فرغم أنَّ “أمانديس” استثمرت في البنية التحتية بصورة واضحة خلال هذه المدة، فإن تعتقد على نطاقٍ واسعٍ أنَّها تقف وراء الغلاء الكبير في الفواتير، التي أدَّت إلى احتجاجات غير مسبوقة في طنجة سنة 2015 تخللتها مطالب برحيل الشركة عن المدينة، وهي الاحتجاجات التي لم تنتهِ إلا بتدخلٍ ملكيٍ، من خلال إيفاد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، للقاء المنتخبين ومسؤولي الشركة.
