مجتمع
النقل السري يجتاح عاصمة البوغاز.. ومطالب باعتماد مقاربات جديدة للملف
يبدو أنَّ معاناة سكان وزوار مدينة طنجة مع مشكلة النقل الحضري لن تعرف طريقها للحلّ قريبا، حيث تتعاظم مظاهر هَذِهِ المشكلة كل صيف، بدءًا من مشكلات النقل السري، مرورًا بالازدحام في محطات «الطاكسيات» والحافلات، وانتهاء باستياء الركاب من اكتظاظ الحافلات الَّذِينَ يرفضون في أحايين عديدة التوقّف في بعض المحطات.
ومع اقتراب موسم الصيف، يزيد كلٌّ من جشع بعض أصحاب «الطاكسيات» وخطط شركة الحافلات الخاصة بهَذِهِ المناسبة من استفحال معضلة الخصاص الحاصل في أسطول حافلات النقل الحضري، في مدينة مليونية بحجم طنجة.
حيث تعمد الشركة كل سنة على إعادة تخصيص عديد الحافلات نحو الوجهات الأكثر ربحيَّة أي تلك الَّتِي تربط المدينة بالشواطئ المحيطة بها على حساب الخطوط الرابطة بين المدينة والأحياء، وهو ما يحدث خللًا في العرض تجد فيه وسائل النقل السري أرضيَّة خصبة لانتعاش خدمتها، إذ يشكل النقص الحاصل في الخطوط ذات الحركيَّة المرتفعة، فرصة ذهبيَّة للخطافة للحلول محل الشركة الإسبانيَّة.
وتتجول بطرقات مدينة طنجة الكثير من سيارات النقل السري، ليلًا ونهارًا، في حين تفتقر بعضها للأضواء، وفي حالة ميكانيكيَّة مهترئة لم تعد صالحة للاستعمال وهو ما تنتفي معه شروط السلامة وكذا المعايير والشروط الخاصة بوسيلة نقل الأشخاص.
وفي صيف العام الماضي لقي شابان من مدينة طنجة حتفهما بعد عملية دهس بطلها سائق حافلة للنقل السري، إذ صدم بشكل عنيف دراجتهما الناريَّة، الأمر الَّذِي خلق حالةً من الخوف لدى المهنيين والمواطنين من خطورة هَذِهِ الوسيلة المميتة.
ولا يسلم حتَّى رجال الأمن بدورهم من أخطار وتبعات فوضى هَذَا القطاع، حيث تواجه عناصر ووحدات الأمن تحدّيات جمّة بين شوارع مدينة طنجة وأزقتها، من أجل حجز السيارات المخالفة ووضعها بالمحجز البلدي، وتقديم سائقيها للعدالة.
وفي خضم هَذِهِ الفوضى الَّتِي تطال قطاع النقل الحضري، يظلّ الطرف الأضعف الَّذِي يدفع الثمن هو المواطن الَّذِي يصطدم بواقع مرير نتيجة ضعف آليات المراقبة الَّتِي من شأنها أن تحقق التوازن وتضمن له الحماية من التجاوزات والممارسات الَّتِي تتنافى وضوابط مهنة النقل.
ومع توطيد حضور تطبيقات خدمة النقل، أصبح توصيف الظاهرة بــ«النقل السري» تعبيرًا غير دقيق في نظر المواطنين والفاعلين المهنيين، إذ أصبح تقديم هَذِهِ الخدمة العموميَّة بشكلها غير القانوني يتخطَّى جميع مستويات العلنيَّة ويتحوّل إلى المكشوف تحت شعار على عينك يا بن عدي.
وقد يكون جزء من قطاع النقل غير المهيكل أو ما يُسمّى «النقل السري»، وسيلةً فعلًا لقضاء حاجات كثير من الرّكاب الَّذِينَ يتعذر عليهم إيجاد وسيلة نقل مرخّص لها بالسهولة المفترضة بمدينة طنجة، لكنّ بالمقابل فإن بعضَه يترك آثارا سلبيَّة كثيرة لدى مهنيين، في حين قد يشكل خطرًا داهمًا على الرّكاب أنفسهم الَّذِينَ يتحوّل بحثهم عن الأسهل أحيانا إلى كابوس مخيف، ويظل الحل الوحيد والكفيل بوضع حد لكل هَذَا هو تنظيم القطاع.