رياضة
المدينة الرياضية بطنجة.. التحدّيات المستقبلية لتعزيز البنية الرياضية الوطنية

تُعدُّ المدينة الرياضيَّة بطنجة، المعروفة أيضا بـ”القرية الرياضية”، من أبرز المشروعات الرياضيَّة في المغرب وإفريقيا، إذ تمتدّ هَذِهِ المنشأة على مساحة تقارب 74 هكتارًا، وتضمُّ مجموعة متنوعة من المرافق الرياضيَّة المُصمّمة وَفْقًا لأعلى المعايير الدوليَّة.
وبدأت أشغال بنائها عام 2014، واكتملت معظم المرافق بحلول صيف 2021، بهدف تعزيز البنيَّة التحتيَّة الرياضيَّة في المنطقة، وجعل طنجة وجهةً مُميّزةً لاستضافة الفرق والمنتخبات الأجنبيَّة لإجراء التدريبات والمباريات.
وتضمُّ المدينة ملعب طنجة الكبير، المعروف أيضا بملعب ابن بطوطة، الَّذِي يتّسع لعددٍ كبيرٍ من المتفرجين ويستضيف مباريات كرة القدم المحلّيَّة والدوليَّة، كما تحتوي المدينة على قاعة مغطاة متعدّدة الاستخدامات تعرف بالقاعة المغطاة الزياتن، الَّتِي تُعدُّ أكبر مرفقٍ رياضيٍّ مُغطّى في طنجة، وتستضيف فعاليات رياضيَّة مختلفة.
وتحتضن المدينة الرياضيَّة مرافق أخرى مثل، ملاعب التنس، ومسبح أولمبيّ، ومرافق للكرة الطائرة والكرة الحديديَّة، وفضاءات تعليميَّة، فنادق، عيادة رياضيَّة، ومنطقة ترفيهيَّة تضمُّ مركزًا تجاريًّا للمنتجات الرياضيَّة.
وبلغت تكلفة هَذَا المشروع نحو 600 مليون درهم، بتمويل من شراكات متعدّدة بين جهات محلية ووطنيَّة وبهدف أن تسهم المدينة الرياضيَّة في تعزيز الرياضة بالمنطقة، وتوفير بيئة مناسبة لتطوير المواهب الرياضيَّة المحلية، بالإضافة إلى جذب السياحة الرياضيَّة والمساهمة في الاقتصاد المحلي.
لكن بالرغم من الطموحات الكبيرة للمشروع، برزت انتقادات ملحوظة تتعلق بعملية تسيير وإدارة هَذِهِ المنشأة، إذ يرى البعض أنَّ هناك ضعفًا ملحوظًا في استغلال الإمكانات الهائلة للمدينة الرياضيَّة، إذ لم تستثمر بالشكل الأمثل لاستقطاب الفعاليات الرياضيَّة الكبرى على مدار العام.
كما أن التركيز على كرة القدم يثير التساؤلات بشأن مدى اهتمام إدارة المنشأة بالرياضات الأخرى الَّتِي تم تجهيز مرافقها ولكنها لا تستخدم بانتظام.
ورغم أنَّ المدينة الرياضيَّة بطنجة شهدت في عام 2023 تنظيم واستضافة العديد من الفعاليات الرياضيَّة المهمة، مما يعكس جاهزيتها وقدرتها على استضافة أحداث رياضيَّة كبرى، أشار متابعون إلى غياب استراتيجيَّة واضحة للترويج لهذه الفعاليات على المستوى الدولي، ما يُقلّل من فرص استقطاب جماهير واسعة وزيادة العوائد الاقتصاديَّة.
ومع إعلان المغرب شريكًا في تنظيم كأس العالم 2030، أصبحت المدينة الرياضيَّة بطنجة جزءًا من استراتيجيَّة وطنيَّة لتعزيز جاهزيَّة البلاد لهذا الحدث العالمي، حيث خُصّصت استثمارات إضافيَّة لتطوير ملعب طنجة الكبير وتوسيع مرافقه بما يتماشى مع معايير الاتِّحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
كما لا يمكن تغافل بعض التساؤلات بشأن توفر المدينة على إمكانيَّة مواكبة المتطلبات اللوجستيَّة والبنيَّة التحتيَّة المحيطة بالملاعب، خاصّة وسائل النقل العمومي وتحسين الطاقة الاستيعابيَّة للفنادق لاستضافة الأعداد الكبيرة من المشجعين المتوقع توافدهم خلال البطولة.
ورغم اعتبار المدينة نموذجًا ناجحًا للاستثمار في البنيَّة التحتيَّة الرياضيَّة، يُعزّز من مكانة المغرب على الساحة الرياضيَّة الدولية، يبقى السؤال المطروح: هل سيستمر بنفس الزخم أم سيعاني مع الوقت من الإهمال الَّذِي طال مشروعات رياضيَّة مماثلة في مناطق أخرى؟ ويبقى تحقيق هَذِهِ الاستمراريَّة رهينًا بتطوير قدرة الجهات المسؤولة على إطلاق خطط ومبادرات فعالة للتسويق وإدارة الموارد.
