مجتمع
الخطر القادم من الشرق.. «دراجــات سانــيـا» تهدد شبـاب طنجــة

منذ فترة ليست ببعيدة، غزت مدينة طنجة ظاهرة غير مسبوقة، باتت تُشكّل كابوسًا حقيقيًّا يُهدّد سلامة المواطنين ويُسيء إلى صورة المدينة التي لطالما عُرفت بتنظيمها وحيويتها. إنها دراجات «سانيا» ومثيلاتها من الدراجات الأخرى والدراجات الثلاثيَّة العجلات التي اجتاحت الشوارع دون حسيب ولا رقيب، محوّلة طرقات المدينة إلى مسرح للفوضى والعشوائيَّة.
*طنجة تحت رحمة الفوضى
رغم الجهود التي بذلتها ولاية طنجة وجماعة طنجة وباقي الشركاء لتحسين السير والجولان وتنظيم النقل الحضري، فإنَّ هذه المركبات «الغبيَّة» كما يصفها البعض، باتت تفرض وجودها بالقوّة، تُعرقل السير، وتُهدد الأرواح، وتبثّ الخوف في نفوس السائقين والمارة على حدّ سواء.
من منا لم يواجه موقفًا كاد أن يُودي بحياته بسبب شاب طائش يقود دراجة ناريَّة دون خوذة، يتجاوز من اليمين أو يسير عكس الاتجاه؟ من منّا لم يشهد حادثًا مروريًّا سببه استهتار هؤلاء «الفرسان الجدد» الذين يعتبرون الشوارع ميدانًا للاستعراض بدل الالتزام بقوانين المرور؟
*ثقافة غائبة ومسؤولية مهملة
إن الحديث عن هذه الظاهرة يقودنا إلى التساؤل بشأن دور الوكالة الوطنيَّة للسلامة الطرقيَّة. أين الحملات التحسيسيَّة التي تهدف إلى توعيَّة هؤلاء الشباب بخطورة قيادتهم العشوائيَّة؟ كيف لم نرَ أي تنسيق بين السلطات المحليَّة والوكالة لمعالجة هذه الظاهرة التي تأخذ طابعًا محليًّا بامتياز؟ لكل مدينة خصوصياتها، ولا يمكن تطبيق المقاربة نفسها في طنجة كما في مدن أخرى، خاصّةً أنَّ طنجة تعرف ديناميَّة حضريَّة وسياحيَّة تحتاج إلى تنظيم محكم وانضباط صارم.
*منظومة تعليمية غائبة.. وتحمّل المسؤولية
لكن لا يمكن توجيه اللوم بالكامل للجهات التنفيذيَّة، فالمشكلة تبدأ من المنظومة التعليميَّة نفسها. كيف لم يتعلّم هؤلاء الشباب أساسيات الثقافة الطرقيَّة في المدارس؟ لماذا لا تندرج السلامة الطرقيَّة ضمن المناهج التربويَّة كمادّة أساسيَّة؟ إن خلق جيل واعٍ ومسؤول يتطلب استراتيجيَّة تعليميَّة واضحة تضع السلامة المروريَّة ضمن أولوياتها الكبرى، قبل أن نجد أنفسنا في مدينة تبتلعها الفوضى المروريَّة.
*طنجة تستحق أفضل
من المؤسف أن تتحوَّل طنجة، التي كانت رمزًا للحداثة والانفتاح، إلى مدينة يطغى عليها عبث الدراجات الناريَّة وثلاثيات العجلات. لا بُدّ من تضافر الجهود لوضع حدٍّ لهذه الفوضى. يجب أن تتحمل كلّ الأطراف مسؤوليتها، من السلطات المحليَّة إلى الوكالة الوطنيَّة للسلامة الطرقيَّة، ومن المؤسسات التربويَّة إلى المجتمع المدني.
طنجة تستحق أن تظلّ لؤلؤة الشمال، مدينة تعكس النظام والحداثة، لا مسرحًا لفوضى يقودها شباب بلا وعي ولا انضباط. إنَّ استمرار الوضع على ما عليه ليس مجرد خطر مروري، بل هو تهديد لقيم المدينة وهويتها الحضاريَّة.
